كشفت الدكتورة فوزية العشماوي أستاذ اللغة العربية والحضارة الاسلامية بجامعة جنيف بسويسرا عن أسباب انتشار ظاهرة "الإسلاموفوبيا"،والتي ترجع إلى سوء النية والفهم المتبادلين بين الغرب والاسلام بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول). واتهام العالم الاسلامي بالارهاب بسبب الصور السلبية التي يعتقدها الغرب فى المناهج الدراسية لدى المسلمين مشددة على أهمية تكثيف الحوار بين العالم الإسلامي والغرب.
وأوضحت العشماوي ان إثارة المجتمع السويسري لموضوع المآذن والمطالبة بحظر بنائها بدعوى اختلافها عن النسق المعماري والحضاري والثقافي لسويسرا ما هو الا دليل يؤكد عداوة الغرب للدين الاسلامي واهله وانتشار ظاهرة الاسلاموفوبيا .
وكان لشبكة الاعلام العربية "محيط" هذا الحوار مع الدكتور فوزية العشماوي لتوضيح أهم المشاكل التي تواجه المسلمين فى العالم الغربي.
انتشار ظاهرة الاسلاموفوبيا
محيط: بداية ما هي اسباب الحرب التي يشنها الغرب على الاسلام وماهي أسباب انتشار ظاهرة الاسلاموفوبيا؟
انتشار ظاهرة الاسلاموفوبيا جاء بسبب الحملات التي تشنها بعض وسائل الإعلام الغربية ضد الإسلام، و الصورة السلبية التى يتخذها الغرب عنه والاعتقاد بانه دين يحض على الارهاب ، وهذا يرجع الى تكريس سوء الفهم المتبادَل بين العالم الإسلامي والغرب بما تحمله من أحكام مسبقة تقطع الطريق على أي محاولة لتناول موضوعي نقدي. فضلاً عن غياب الحوار الجادِّ الذي يؤدِّي إلى تعارف من شأنه تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة السائدة لدى كل طرف عن الآخر. وهو الأمر الذي يسهم في تجاوز أسباب الكراهية والعداء.
وفى ظل العداء المتصاعد حاليا فى معظم الدول الغربية ضد الاسلام والمسلمين خوفا واحتسابا من ازدياد اعداد المسلمين فيها واحتمال حصولهم على حقوقهم التي يكفلها الدستور والقانون فى كل دولة ديمقراطية ،تعمل بعض الاحزاب السياسية اليمينية المتطرفة فى هذه الدول الغربية على تشويه صورة الاسلام والمسلمين لتنفير الناس منهم وتقليل زيادة انتشار الاسلام فى هذه الدول لمنع الجيل الثاني من المسلمين الاوروبيين من التغلغل فى المؤسسات والهيئات الحكومية والمشاركة فى اتخاذ القرار السياسي لصالح المسلمين.
ولا يخفى على أحد إن وسائل الإعلام الغربية دأبت على مهاجمة الاسلام والمسلمين واتخذت من قضايا المراة المسلمة ذريعة ومدخلا للهجوم معتقدين خطا ان المجتمعات الاسلامية تضطهد المراة وان الاسلام كما يدعون اوجد فرقا شاسعا بين المراة والرجل ومن ثم اعتقدوا ان وضع المراة المسلمة المتدني فى العالم الاسلامي هي الثغرة التي ينفذون منها لانتقاد الاسلام بحجة ان هذه الدول لا تطبق حقوق الانسان وخاصة بين الرجل والمراة .
محيط: أثيرت فى الفترة الاخيرة مشكلة حظر بناء المآذن بدعوى انها مخالفة للطراز المعماري السويسري.. هل يعتبر اثارة مثل هذا الموضوع حرب جديدة على الاسلام ؟
بدون شك، فالمقصود بالطبع هو وقف انتشار الاسلام في سويسرا واختراقه أرض الوطن ووصوله لعنان السماء، كما أن إثارة المجتمع السويسري لموضوع المآذن والمطالبة بحظر بنائها بدعوى اختلافها عن النسق المعماري والحضاري والثقافي لسويسرا ما هو الا دليل يؤكد عداوة الغرب للدين الاسلامي وأهله وانتشار ظاهرة الاسلاموفوبيا .
وأشارت الى أن الموقف الحالي يتمثل في أن الحكومة والبرلمان في سويسرا يدعون المواطنين الى رفض الاستفتاء حول بناء هذه المآذن و كذلك معظم الاحزاب السياسية ترفض الاستفتاء وتدعو أعضاء الاحزاب لرفضه.
والوجود الاسلامي في سويسرا غير مؤثر حيث يبلغ تعداد المسلمين 400 الف مسلم يمثلون 4 % من عدد السكان و 10% فقط يمارسون الشعائر ويذهبون الى المساجد ( 3 مساجد فقط في سويسرا لها مآذن بما في ذلك مسجد جنيف الكبير التابع لرابطة العالم الاسلامي بمكة )، وهناك 12 طلب جديد لبناء مسجد به مآذنة في سويسرا في انتظار موافقة السلطات السويسرية.
شبهات حول المرأة
محيط : ما هي أسباب الشبهات التي يثيرها الإعلام الغربي حول مكانة المرأة في الإسلام واتهامه بالتخلف والرجعية؟
هذا بالفعل جزء من تفكير الغرب وانطباعه عن الإسلام واستراتيجيته التي يريد على أساسها تشويه صورة الإسلام بالتركيز على بعض القضايا الفقهية مثل القضايا الخاصة بالمرأة. فالإعلام الغربي يركز بصفة خاصة على الكتابات التي وضعها المستشرقون غير المنصفين حول قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية، وفي هذا الصدد يتهمون الإسلام بأنه لا يعطي المرأة حق المساواة مع الرجل، بل يعتبرون أن مكانة المرأة في الإسلام أدنى من مكانة الرجل، ويبرر هؤلاء هذه الادعاءات بأن الخطاب القرآني يقرر أن الرجل أفضل من المرأة محتجين بما جاء في قول الله (تعالى): "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ"، كما أن الإعلام الغربي يتعمد الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية خارج إطار النص القرآني المتكامل، مجتزئا إياها ليفسره بما يتفق وموقفه سابق التجهيز.
محيط: برأيك ما هو دور وسائل الإعلام العربية فى نشر معالم الدين الاسلامي الصحيحة وتجديد لغة الحوار مع الغرب ؟
إننا نهيب بالمسئولين عن الفضائيات العربية التى من المفروض أنها تساهم فى نشر الثقافة العربية والفكر العربى والإسلامى على نطاق جغرافى واسع ممتد إلى الدول الأوروبية والأمريكية أن يراعوا الدقة فى اختيار مقدمى البرامج خاصة البرامج الدينية الموجهة إلى المشاهدين فى الدول الغربية، فمن الضرورى جدا أن يكون معد مواقع الإنترنت، ومعد ومقدم البرامج الموجهة باللغات الأجنبية فى الفضائيات العربية قد أقام عدة سنوات فى الخارج؛ ليفهم ويعرف أسلوب التفاهم والحوار مع الغربيين، ويتحدث اللغة الأجنبية مثل أهلها الأصليين.
للأسف نقرأ مؤلفات وكتب باللغات الفرنسية والإنجليزية ونطلع على مواقع إنترنت، ونشاهد برامج تليفزيونية باللغات الفرنسية والإنجليزية تم إعدادها وطبعها ونشرها فى الدول العربية تشتمل على غلطات ومفارقات غاية فى الغرابة، وتتم على جهل باللغة الأجنبية وعلى معرفة سطحية ونظرية وليست تطبيقية، إن دلت على شىء إنما تدل على أن كاتبها لم يتعامل بهذه اللغة الأجنبية إلا فى البلد العربى الذى يعيش فيه.
وهذا ما نلاحظه أيضا على طلاب العلم من حملة المؤهلات العليا من الجامعات العربية الذين يأتون لدراسات الماجستير والدكتوراه فى سويسرا وفرنسا ولا يجيدون اللغة الأجنبية ولا حتى اللغة العربية، مما يجعلنا نشعر بالأسف ونفرض عليهم تأدية امتحانات فى اللغة العربية واللغة الأجنبية قبل التحاقهم بالجامعة.
محيط : ما رأيك فى بعض الأفكار التي ينادي أصحابها بأسلمة أوروبا مما يدعم ظاهرة الاسلاموفوبيا؟
إنني أؤيد رفض الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الازهر مساعي أسلمة مجتمعات الغرب، فلسنا بحاجة لزيادة عدد المسلمين، وإنما بحاجة لتقوية الإنسان المسلم في تلك المجتمعات".
يجب ضرورة الاستفادة من فرصة أن الغرب هو الذي يسعى للحوار مع المسلمين، بعد أن أدرك أخيرا أن هناك سوء فهم للمسلمين .