الرياض - وكالات: ذكرت تقارير صحفية ان هناك غضبا شعبيا عارما يسيطر على سكان مدينة جدة السعودية والمناطق المحيطة بها والتي تعرضت الاربعاء الماضي لكارثة مروعة سببتها السيول التي نتجت عن هطول الامطار بغزارة مما أسفر عن خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
وجاء الغضب الشعبي في الوقت الذي استمرت فيه أمس عمليات البحث عن مفقودين من ضحايا السيول التي ضربت جدة الأربعاء الماضي.
وأكد الناطق الرسمي للدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة النقيب عبد الله العمري، أن عدد ضحايا السيول ارتفع أمس إلى 103 قتلى، ما بين نساء وأطفال وشباب ومسنين.
وكانت امطار غزيرة قد هطلت على مدينة جدة الساحلية على البحر الاحمر الاربعاء ما ادى الى تشكل سيول اغرقت الطرق وتسببت بمقتل الكثيرين داخل سياراتهم التي جرفتها المياه. وادت السيول الى تدمير العديد من الطرق، ولدى انحسار المياه الخميس ظهرت اعداد كبيرة من السيارات مكدسة بعضها فوق بعض.
في نفس السياق، اعترفت الإدارة العامة للدفاع المدني السعودية بعدم قدرتها على مواجهة ما حدث من جراء السيول التي شهدتها جدة، حيث كشف ممثل الإدارة العامة للدفاع المدني، في مؤتمر الأمن العام في منى الرائد عبد الله الحارثي، أن ما حدث من غرق وهدم في محافظة جدة جراء السيول كان فوق مقدرتهم وطاقتهم عن الحيلولة دون تفاقم المشكلة، نافيا في الوقت ذاته أن يكون الدفاع المدني يتحمل مسؤولية تلك الكارثة.
وحسبما ذكرت صحيفة "عكاظ" السعودرية ، فقد أوضح الحارثي أن رجال الدفاع المدني أخلوا ما يربو عن ألف مواطن، وأمنت لهم مساكن بديلة، مفصحا عن أن اللجنة الخاصة بالتعويضات شرعت في مباشرة أعمالها من اليوم حيث ستقف ميدانيا على كافة المواقع المتضررة.
من جهة أخرى، أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء السعودي الدكتور صالح بن حميد أن المحاكم وديوان المظالم وهيئة الرقابة والتحقيق تشرع أبوبها لاستقبال دعاوى المتضررين مما خلفته سيول جدة "إذا أراد أحد المواطنين أن يقيم دعوى فالأبواب مفتوحة للجميع".
في غضون ذلك، قال وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف، إن التعويضات المصروفة للمتضررين جراء سيول جدة مخصصة للمساكن والاحتياجات الضرورية، ولا تشمل المركبات التي تعرضت للدمار أو التلف.
كارثة جديدة
آثار سيول جدة
يأتي هذا في الوقت الذي نجت فيه مدينة جدة من كارثة محتملة جديدة بفضل فاعلية أداء السد الاحترازي الأسمنتي أسفل بحيرة "المسك" والذي استطاع استيعاب أكثر من 15 مليون متر مكعب من مياه السيول والأمطار، كادت تهدد سلامة أكثر من 17 حيا سكنيا في شرق ووسط وشمال المحافظة.
وحسبما ذكرت صحيفة "ألوطن" السعودية ، قرر أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، التعجل ومغادرة المشاعر المقدسة حرصا منه على متابعة أوضاع مدينة جدة بعد تعرضها للأمطار الشديدة يوم الأربعاء الماضي، ووقوع خسائر في الأرواح والأموال.
وسيكون أول عمل للفيصل بعد أدائه فريضة الحج وإشرافه الكامل على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، القيام بجولة على جميع الأماكن المتضررة في محافظة جدة، وسيرافقه في الجولة جميع مسؤولي الخدمات المباشرة من أجل الوقوف على الأوضاع ومعالجتها فوراً.
وتواصلت أمس القصص المأساوية لعوائل المفقودين في كارثة السيول التي حدثت في جدة يوم أربعائها الحزين في الوقت الذي تبذل فيه الجهات الحكومية جهوداً حثيثة لإسكان المتضررين وتدبير حاجياتهم.
شهود عيان أبلغوا "الوطن" أمس عن قصص الرعب التي عاشوها أثناء الكارثة حيث يقول جابر سلطان المطيري من سكان شرق الخط السريع إنه شاهد جثثاً لجيرانه تطفو فوق سطح الماء.
وقال ساعد المالكي إنه فوجئ بصيحات الأطفال يحذرون المصلين من الغرق وسط المسجد التابع للحي ولولا عناية الله ورجال الدفاع المدني الذين أنقذوهم من فوق الأسطح بواسطة الطائرات العمودية لكان هو وأسرته المؤلفة من 12 شخصاً في عداد الموتى.
الأحياء المنكوبة تحتاج 1.2 مليار ريال
في غضون ذلك، أكد وكيل أمانة جدة المهندس إبراهيم كتبخانة أن الأحياء المنكوبة التي اجتاحتها سيول الأربعاء بحاجة إلى مشروعات تصريف الأمطار بمبلغ 1,2 مليار ريال،
ونفى كتبخانة أن يكون هناك تمييز في المشروعات بين أحياء الشمال والجنوب، مؤكدا في الوقت ذاته أن أحياء الشمال لا يوجد بها هي الأخرى شبكات صرف للمياه وهو الأمر الذي يضاعف المشكلة.
وجزم وكيل أمانة جدة بأن المشكلة في جوهرها معقدة بسبب نشوء أحياء في جنح الظلام في بطون أودية ومجاري سيول مثل قويزة والنخيل. وأضاف «لدينا من الدراسات التي أعدت بعناية ما يكفي لتجنيب مدينة جدة كل الأزمات المستقبلية سواء في الصرف الصحي أو الأمطار والسيول.
وقال كتبخانة: "يجب أن يدرك الجميع أن ما حدث الأربعاء الماضي ليست أمطارا بقدر ما كانت أشبه بالفيضانات نتيجة غزارة المطر وقوة السيل المنقول من وادي فاطمة مروراً ببحرة، هذه الأمطار وفق المقاييس العالمية في بناء المدن لا يمكن أن يتم التعامل معها، وبالمناسبة فهي تحدث مرة كل مائة عام وفق القياسات العالمية، وصدقا حتى لو كانت هناك شبكات لتصريف السيول لم تكن لتستوعب هذه الأمطار والسيول".
اضاف: مدينة جدة بأكملها مغطاة بشبكة صممت لاستيعاب أمطار لا تتجاوز قوتها 26 ملليمتر، وبحسب القياسات العالمية فإن كمية الأمطار التي هطلت الأربعاء الماضي وجرفت المركبات وبعض المنازل وطمرت الشوارع، وصلت إلى 95 ملليمتر في ثلاث ساعات وبالتالي ليس هناك مدينة في العالم تستطيع أن تستوعب كل هذه الأمطار.