هَجَر: هي التي تعرف باسم آخر هو بلاد (البحرين). وسبب تسميتها بهذا الاسم أنها متصلة ببحر فارس، وبالبحيرة الموجودة بقرب (الأحساء). وحدودها: في الشرق (بحر فارس)، وفي الشمال ولاية (البصرة) وفي الغرب (نجد العارض)، وفي الجنوب (عُمان). وتقع هذه الولاية على ساحل (بحر فارس)، واليوم هي لواء في يد آل عثمان. وأهلها من عبد القيس. وبلادهم (الأحساء) و(القطيف) و(الخطّ)، وإليها تنسب الرماح الخطّية. وتتوفر هناك أنهار وعيون كثيرة، ولو حُفر في أكثر مواضعها قدر قامة رجل أو قامتين، يخرج الماء. وينبت فيها القطن والحناء، فيزّين شواطئ أنهارها كالسوسن. ويزرعون أيضاُ التمر والأرز، وبها أيضاً أنواع عديدة من الفواكه. وهناك نوع من الفاكهة لو شرب الشخص من نبيذها فإن أثوابه تصبح صفراء فاقعة {من العرق}. وتمتد حدائق هذه البلاد حول أطراف المدينة مفترشة مسافة قدر ميل. وفي الأوقات التي تشتد فيها الحرارة وتصل إلى ذروتها، لايذهب أهلها {من أصحاب البساتين} إلى بساتينهم إلا في الصباح والمساء فقط.
وتوجد في ناحية (البحرين) رمال متحركة، تتجمع بعد فترة، فتبدو كأنها جبل من الرمال، وإذا نظرت بعد مدة إلى ذلك الجبل، لا تجد له أثراً، ويمكن أن يغطي الأماكن المعمورة. وفي السابق كان هناك طريق رئيسي يصل مابين (البحرين) و(عُمان)، واليوم لايمكن السير منه بسبب طغيان الرمال، والآن يسافر الناس من (البحرين) إلى (عُمان) بالسفن. وفي البحرين،//497// توجد جُزرٌ، على مسيرة منزلين أو ثلاثة منازل على الطريق إلى (البصرة)، حيث توجد بها بعض الأبنية والآثار. وبهذه الجزر يكثر الصيد والقنص. ويوجد في (جزيرة خارك) نوع من الجَزَر يقطعونه بالقدوم. وسكان تلك الجزيرة يصابون بمرض الطحال. ويوجد هناك مغاص للؤلؤ، حيث يستخرج منه أجوده وأجمله، ذلك أنه كامل ومستوٍ. ويروى أن البحّارة {يدخلون} في ساحل البحرين ما يزيد على ثمانية أبواع، ويغوصون في البحر، وبأيديهم قِربٌ من الجلد، فيستخرجون بها ماءً عذباَ من أعماقه . وللطافة هذا الماء وبرودته فإن حكام تلك الديار يشربون منه.
وينتسب إلى تلك الولاية أبو سعيد، وأبو طاهر، وهما من زعماء القرامطة، الذين خالفوا الدين الإسلامي، وقتلوا حجاج بيت الله الحرام، ونهبوا كسوة الكعبة المشرفة. ولقد كان خروجهم في عام 275هـ، في زمن {الخليفة} المعتمد بن المتوكل، وقلعوا الحجر الأسود، وأخذوه معهم. وسيّر هذا الخليفة إليهم جيشاً بقيادة العباس بن عمرو الغنوي، فسحق القرامطةُ هذا الجيش عن بكرة أبيه، وأسروا العباس، وبعد ذلك أطلقوا سراحه حتى يروي للناس ماجرى. ولقد احتفظوا بالحجر الأسود زمناً طويلاً، ثم اشتراه منهم الخليفة المطيع لله بأربعة وعشرين ألف دينار من الذهب، وأعاده إلى موضعه ثانية.